إعداد : جاد المولى حامد إبراهيم الدغيني
الملخص:
تتناول هذه الدراسة التدخل الأممي في الأزمة الليبية من زاوية نقدية تحليلية، من خلال تقييم دور مبعوثي الأمم المتحدة في إدارة النزاع الليبي منذ عام 2011، وتحديد مدى فاعليتهم في الحد من تعقيدات الأزمة، وتفسير أسباب تعثر جهود الوساطة الدولية؛ فعلى الرغم من تبلي الأمم المتحدة لخطاب إنساني يعلي من قيم السلم والاستقرار، إلا أن الواقع العملي كشف عن تباين في الدوافع والأهداف، وتأثر قرارات البعثة الأممية بمصالح القوى الكبرى، وتعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي والمنهج التاريخي إلى جانب المنهج المقارن، لتشخيص أدوار المبعوثين الدوليين، وقياس أثر التدخلات الإقليمية والدولية المتنافسة في المشهد الليبي، كما تسعى لتحديد التحديات البنيوية التي تواجه جهود الوساطة الأممية لاسيما ضعف التنسيق الدولي وتضارب المصالح مع إبراز كيف ساهمت بعض الآليات الأممية في تعقيد النزاع بدلا من تسويته، وتسعى هذه الدراسة إلى تقديم قراءة معمقة لمكانة ليبيا في توازنات الصراع الدولي، وتقديم توصيات نحو تطوير أدوات الأمم المتحدة في إدارة النزاعات الداخلية للدول :
أظهرت الدراسة أن الأمم المتحدة اعتمدت مقاربات نمطية في التعامل مع الأزمة الليبية، متجاهلة البنية الاجتماعية والسياسية المعقدة للمجتمع الليبي، لا سيما البعد القبلي والجهوي، وهو ما حد من فعالية جهود الوساطة والتسوية رغم تميز بعض المبعوثين، وعلى رأسهم غسان سلامة، من حيث التخطيط والتصورات، إلا أن تدخلات الأطراف الدولية والإقليمية، وغياب التنسيق الفعال، حالت دون تحقيق اختراق حقيقي في مسار التسوية السياسية.
بينت النتائج أن قرص تحقيق سلام مستدام في ليبيا تظل مرهونة بتكامل أدوار البعثة الأممية مع دول الجوار، إلى جانب ضرورة وجود تفويض دولي صارم يمنع التدخلات العسكرية المنفردة ويضمن التزام كافة الأطراف بالحلول التوافقية.